ملتقي سرايا القدس



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقي سرايا القدس

ملتقي سرايا القدس

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقي سرايا القدس

اجمل المنتديات الجهاد الاسلامي

قال الرسول صلى الله عليه وسلم : « من دخل السوق فقال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير" كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف الف درجة »

    النقد الخارجي للحديث أو ما يعرف بنقد السند

    اسد الجهاد
    اسد الجهاد


    عدد المساهمات : 312
    تاريخ التسجيل : 06/10/2009
    العمر : 29
    الموقع : sareya

    النقد الخارجي للحديث أو ما يعرف بنقد السند Empty النقد الخارجي للحديث أو ما يعرف بنقد السند

    مُساهمة  اسد الجهاد الأحد ديسمبر 06, 2009 3:28 am

    تدوين السنة في عصر الصحابة رضي الله تعالى عنهم






    أرسل الله سبحانه و تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولا للعالمين وأوحى إليه بالقرآن الكريم الذي هو كلام الله تعالى وفسَّره رسول الله صلى الله عليه وسلم أقواله وأفعاله وتقريره لِمَا كان يحدث حوله في عصره وتكوَّن من كل ذلك ما عُرِفَ بالسنة المشرفة فالسنة هي مجموعة أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته ويعتقد المسلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره نبيًّا معصومٌ من الخطأ وأن كل ما صدر منه من أقوال أو أفعال أو تقريرات حق يجب اتباعُه ومن أجل ذلك اهتمَّ الصحابة بنقل القرآن الكريم اهتماما بالغا باعتباره المصدر الأول للتشريع كما اهتموا بنقل سنة النبي صلى الله عليه وسلم واهتمت الأمة بعدهم بذلك النقل حتى أنشئوا علوما خاصة بتوثيق النص القرآني كتابة وقراءة كعلم القراءات ورسم المصحف والتجويد وأنشئوا علوما أخرى لتوثيق النص النبوي كعلم الجرح والتعديل وعلم الرجال وأنشئوا ثالثة لفهم القرآن والسنة كعلوم التفسير والفقه وأصوله وأنشئوا علوما خادمة كالنحو والصرف والعَروض .


    الرواية في عهد الصحابة رضي الله تعالى عنهم






    لقد حَثَّ الإسلام على العلم واهتمَّ النبي صلى الله عليه وسلم بتعليم المسلمين الكتابة فأَذِنَ لأسرى غزوة بدر أن يَفْدُوا أنفسهم بتعليم عشرة من صبيان الأنصار القراءة والكتابة وكان بعض المسلمين يتعلمون القراءة والكتابة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكثر عدد الكاتبين حتى بلغ عدد كُتَّاب الوحي زُهَاءَ أربعين كاتبا فضلا عن كُتَّاب الصدقات والرسائل والعهود ومع وجود عدد من الكُتَّاب في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وقيامهم بتدوين القرآن الكريم فإنهم لم يقوموا بجمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتابته بشمول واستقصاء ولم تكن في عصر الصحابة كتب مدونة في جوامع تضم حديث النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لأمور:


    1ـ منها أنهم كانوا في ابتداء الحال قد نُهوا عن كتابة الحديث كما ثبت في صحيح مسلم (صحيح مسلم 7702) عن أبى سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه [قال لا تكتبوا عنى ومن كتب عنى غير القرآن فَلْيَمْحُهُ وحَدِّثوا عنى ولا حرج ومن كذب عَلَىَّ متعمدا فَلْيَتَبَوَّأْ مقعدَه من النار] ، وكان هذا النهى خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن العظيم .


    2ـ ومنها سعة حفظهم وسَيَلاَن أذهانهم فاستغنوا بذلك عن الكتابة.


    3ـ والخوف من اختلاطه بالقرآن لا ينافى جواز كتابته إذا أُمِنَ اللَّبْسُ وبذلك يحصل الجمع بين






    هذا وبين قوله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي تُوفِّى فيه كما في البخاري (1) ومسلم : [ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏قُتَيْبَةُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سُفْيَانُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ ‏عَنْ ‏ ‏سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ‏ ‏قَالَ قَالَ ‏ ‏ابْنُ عَبَّاسٍ ‏ يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَجَعُهُ فَقَالَ ‏ ‏ائْتُونِي أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا ].


    وكذا قوله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري (صحيح البخاري حديث رقم 2473 ومسلم 3371) ومسلم :[ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏يَحْيَى بْنُ مُوسَى ‏ ‏وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ ‏ ‏قَالَا حَدَّثَنَا ‏ ‏الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏الْأَوْزَاعِيُّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَلَمَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏أَنَّ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏خَطَبَ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي الْحَدِيثِ قَالَ ‏ ‏أَبُو شَاهٍ ‏‏ اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏ اكْتُبُوا ‏ ‏لِأَبِي شَاهٍ ] .


    وغير ذلك مما هو معروف عند أهل الحديث.


    ولما تُوفى النبي صلى الله عليه وسلم بادر الصحابة رضي الله عنهم إلى جمع ما كُتب في عهده صلى الله عليه وسلم من القرآن الكريم في موضع واحد وسموا ذلك المصحف واقتصروا على ذلك ولم يتجاوزوه إلى كتابة الحديث وجمعه في موضع واحد كما فعلوا بالقرآن الكريم لكن صرفوا هِمَمَهُم إلى تبليغه بطريق الرواية إما بنفس الألفاظ التي سمعوها منه صلى الله عليه وسلم إن بقيت في أذهانهم أو بما يؤدى معناها إن غابت عنهم.






    ضوابط الصحابة رضي الله تعالى عنهم في قبول الحديث


    كان للصحابـة رضي الله تعالى عنهم عناية شـديدة في رواية الحديث ونقله:


    فقد ذكر البخاري (البخاري في كتاب العلم من صحيحه باب 19) :[ أن جابر بن عبد الله الأنصاري رحل مسيرة شهر إلى عبد الله بن أُنَيْس في حديث واحد ] .


    وروى البخاري (البخاري في كتاب العلم حديث رقم 87) : [ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو الْيَمَانِ ‏ ‏أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الزُّهْرِيِّ ‏ ‏ح ‏ ‏قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ ‏ ‏وَقَالَ ‏ ‏ابْنُ وَهْبٍ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏يُونُسُ ‏ ‏عَنْ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُمَرَ ‏قَالَ ‏ ‏كُنْتُ أَنَا ‏ ‏وَجَارٌ لِي ‏مِن ْ‏الْأَنْصَارِ ‏ ‏فِي ‏ ‏بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ ‏ ‏وَهِيَ مِنْ ‏عَوَالِي الْمَدِينَةِ ‏‏وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِخَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ ].






    وروى البخاري ومسلم [ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ الْعـَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّـهِ ‏ ‏قـَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏مَالِكٌ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الْأَعْرَجِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَكْثَرَ أبو هُرَيْرَةَ ‏ ‏وَلَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا ثُمَّ يَتْلُو ‏:"إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ (159) ـ الآية من سورة البقرة ـ " إِنَّ إِخْوَانَنَا مِنْ ‏ ‏الْمُهَاجِرِينَ ‏ ‏كَانَ يَشْغَلُهُمْ ‏ ‏الصَّفْقُ ‏ ‏بِالْأَسْوَاقِ وَإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنْ ‏ ‏الْأَنْصَارِ ‏كَانَ يَشْغَلُهُمْ الْعَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ وَإِنَّ ‏ ‏أَبَا هُرَيْرَةَ ‏ ‏كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بِشِبَعِ بَطْنِهِ وَيَحْضُرُ مَا لَا يَحْضُرُونَ وَيَحْفَظُ مَا لَا يَحْفَظُونَ ] (البخاري حديث رقم 115 ومسلم 6552 ).


    وإنما اشتد إنكارهم على أبى هريرة رضى الله عنه لأنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من ثلاث سنين فإنه أسلم عام خيبر ومع ذلك كان أكثر الصحابة رواية لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث روى خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعين حديثا . ولم تكن رواية الحديث هي الصفة الغالبة على صحابة النبي صلى الله عليه وسلم بل التزمت طائفة من أكابر الصحابة المقربين من رسول الله صلى الله عليه وسلم الإقلالَ من الرواية عنه صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر الصديق والزبير بن العوام وأبو عبيدة بن الجراح والعباس بن عبد المطلب بل كان بعضهم يكاد لا يروى شيئا كسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيْل أحد العشرة المبشرين بالجنة . ووجهة نظر هؤلاء المقلين كراهية التحريـف أو الزيـادة في الـرواية أو النقصان منها أو خشيتهم من وقوع الخطأ في الحديث حتى لا ينالهم قوله صلى الله عليه وسلم كما في حديث البخاري (البخاري حديث رقم 104 كتاب العلم ومسلم 5) ومسلم :


    [ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو الْوَلِيدِ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏شُعْبَةُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏قَالَ قُلْتُ ‏ ‏لِلزُّبَيْرِ ‏ إِنِّي لَا أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏كَمَا يُحَدِّثُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ قَالَ أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ ‏ ‏مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ ‏ ‏فَلْيَتَبَوَّأْ ‏ ‏مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ].


    وقد وضع الصحابة بعض الضوابط لقبول الأخبار عنه صلى الله عليه وسلم وإن لم تدون في عصرهم ومن تلك الضوابط .


    1ـ الاحتياط في قبول الأخبار: كان أول من احتاط في قبول الأخبار أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى مالك وأبو داود والترمذي وابن ماجة [ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏يَحْيَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِك ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُثْمَانَ بْنِ إِسْحَقَ بْنِ خَرَشَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ ‏ ‏أَنَّهُ قَالَ ‏‏ جَاءَتْ الْجَدَّةُ إِلَى ‏‏ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ‏ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا فَقَالَ لَهَا ‏‏ أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ وَمَا عَلِمْتُ لَكِفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏ شَيْئًا فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ فَسَأَلَ النَّاسَ ‏‏ فَقَالَ ‏ ‏الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ ‏ ‏حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَعْطَاهَا السُّدُسَ ‏‏ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ فَقَامَ ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ ‏‏ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ ‏ ‏الْمُغِيرَةُ ‏‏فَأَنْفَذَهُ لَهَا ‏‏ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ‏ ‏ثُمَّ جَاءَتْ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى إِلَى ‏ ‏عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ‏‏ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا فَقَالَ لَهَا مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ وَمَا كَانَ الْقَضَاءُ الَّذِي قُضِيَ بِهِ إِلَّا لِغَيْرِكِ وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ ‏‏ فِي ‏الْفَرَائِضِ ‏‏ شَيْئًا وَلَكِنَّهُ ذَلِكَ السُّدُسُ فَإِنْ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا ‏] (مالك 1080 وأبو داود 2896 والترمذي 2246 وابن ماجة 2828 عن ابن شهاب) .


    فكانت رؤية أبى بكر هي التثبت في الأخبار والتحري لا سد باب الرواية مطلقا.


    2 ـ التوقف في خبر الواحد والتثبت من نقله : وبذلك الضابط تمسك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقد روى البخاري ومسلم (البخاري حديث رقم 5776 ومسلم 5751) :[ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سُفْيَانُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ ‏ ‏الْأَنْصَارِ ‏ ‏إِذْ جَاءَ ‏ ‏أَبُو مُوسَى ‏ ‏كَأَنَّهُ مَذْعُورٌ فَقَالَ اسْتَأْذَنْتُ عَلَى ‏ ‏عُمَرَ ‏ ‏ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ قُلْتُ اسْتَأْذَنْتُ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ فَقَالَ وَاللَّهِ لَتُقِيمَنَّ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ أَمِنْكُمْ أَحَدٌ سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ‏ ‏وَاللَّهِ لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَصْغَرُ الْقَوْمِ فَكُنْتُ أَصْغَرَ الْقَوْمِ فَقُمْتُ مَعَهُ فَأَخْبَرْتُ ‏ ‏عُمَرَ ‏ ‏أَنَّ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ذَلِكَ ‏‏وَقَالَ ‏ ‏ابْنُ الْمُبَارَكِ ‏ ‏أَخْبَرَنِي ‏ ‏ابْنُ عُيَيْنَةَ ‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ‏ ‏سَمِعْتُ ‏ ‏أَبَا سَعِيدٍ ‏ ‏بِهَذَا ].


    فرأى عمر رضي الله تعالى عنه أن يتأكد عنده خبر أبى موسى بقول صحابي آخر فهذا دليل على أن الخبر إذا رواه ثقتان كـان أقوى وأرجـح مما انفرد به واحد وفى ذلك حث على تكثير طرق الحديث لكي يترقى من درجة الظن إلى درجة العلم إذ الواحد يجوز عليه النسيان والوَهَم وذلك نادر على ثقتين . وقد ورد عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه مـا يدل على تثبته في الحديث فقد روى أحمد [‏حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ الْأَشْجَعِيِّ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبِي ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سُفْيَانَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ ‏ ‏عَنْ ‏‏ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ‏‏ قَالَ أَتَى ‏‏ عُثْمَانُ ‏‏ الْمَقَاعِدَ ‏‏ فَـدَعَا ‏‏ بِوَضُوءٍ ‏‏ فَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِـهِ وَرِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏هَكَذَا يَتَوَضَّأُ يَا هَؤُلَاءِ أَكَذَاكَ قَالُوا نَعَمْ لِنَفَرٍ مِنْ ‏ ‏أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏عِنْدَهُ ]( أحمد مسند العشرة المبشرين بالجنة حديث رقم 456). وكذلك التزم الإمام على بن أبى طالب رضي الله تعالى عنه ضابط التثبت من الأخبار عن طريق الاستحلاف فروى أبو داود (أبو داود 1523 والترمذي تفسير القرآن 2932 وابن ماجه 1459) والترمذي وابن ماجة عن على بن أبى طالب رضي الله تعالى عنه قال :[ حَدَّثَنَا ‏ ‏قُتَيْبَةُ ‏‏ حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو عَوَانَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ ‏ ‏عَنْ ‏أَسْمَاءَ بْنِ الْحَكَمِ الْفَزَارِيِّ ‏ ‏قَال سَمِعْتُ ‏ ‏عَلِيًّا ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏إِنِّي كُنْتُ رَجُلًا إِذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏ حَدِيثًا نَفَعَنِي اللَّهُ مِنْهُ بِمَا شَاءَ أَنْ يَنْفَعَنِي وَإِذَا حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ اسْتَحْلَفْتُهُ فَإِذَا حَلَفَ لِي صَدَّقْتُهُ وَإِنَّهُ حَدَّثَنِي ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏وَصَدَقَ ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏مَا مِنْ رَجُلٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا ثُمَّ يَقُومُ فَيَتَطَهَّرُ ثُمَّ ‏ ‏يُصَلِّي ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلَّا غَفَرَ لَهُ ‏].






    وكل ما رُوى عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم في ذلك الصدد اقتصر على التثبت والاستظهار في سبيل المحافظة على السنة المطهرة .


    3ـ اللقيا والسماع : سبق حديث جابر بن عبد الله ورحلته إلى عبد الله بن أُنَيْس في طلب حديث واحد وفى ذلك إشارة إلى أسبقية الصحابة رضي الله تعالى عنهم إلى شرط اللقيا والسماع بين الرواة للتثبت من صحة الحديث .


    4 ـ عرض الأحاديث على القرآن الكريم : ومن ذلك أن بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم قد رد بعض الأحاديث لأنها في نظرهم تخالف كتاب الله تعالى روى البخاري ومسلم أن ابن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الميت يُعَذَّب ببكاء أهله عليه وفهم رضي الله تعالى عنه أنه عام وأن التعذيب بسبب بكاء الأهل على الميت فأنكرت أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها ذلك الفهم ففي البخاري [‏حَدَّثَنِي ‏ ‏عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو أُسَامَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏هِشَامٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏قَالَ ذُكِرَ عِنْدَ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏ابْنَ عُمَرَ ‏ ‏رَفَعَ إِلَى النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ فَقَالَتْ وَهَلَ إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِنَّهُ لَيُعَذَّبُ بِخَطِيئَتِهِ وَذَنْبِهِ وَإِنَّ أَهْلَهُ لَيَبْكُونَ عَلَيْهِ الْآنَ قَالَتْ وَذَاكَ مِثْلُ قَوْلِهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَامَ عَلَى الْقَلِيبِ وَفِيهِ قَتْلَى ‏ ‏بَدْرٍ ‏ ‏مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ لَهُمْ مَا قَالَ إِنَّهُمْ لَيَسْمَعُونَ مَا أَقُولُ إِنَّمَا قَالَ إِنَّهُمْ الْآنَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّ مَا كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ حَقٌّ ثُمَّ قَرَأَتْ " إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ المَوْتَى وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ "( آيه 80 سورة النمل) و ‏يَقُولُ حِينَ تَبَوَّءُوا مَقَاعِدَهُمْ منْ النّارِ " وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلاَ الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي القُبُورِ (آية 22 من سورة فاطر) ]( البخاري حديث رقم 1287 و 1289 ومسلم 2189 و 2190).


    ومن ذلك ما رواه الترمذي (سنن الترمذي , الطلاق واللعان عن رسول الله 1100) [ ‏حَدَّثَنَا‏ ‏هَنَّادٌ‏ ‏حَدَّثَنَا‏ ‏جَرِيرٌ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مُغِيرَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الشَّعْبِيِّ ‏ ‏قَالَ قَالَتْ ‏فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ ‏طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏لَا سُكْنَى لَكِ وَلَا نَفَقَةَ ‏قَالَ ‏مُغِيرَةُ ‏فَذَكَرْتُهُ ‏ ‏لِإِبْرَاهِيمَ‏ ‏فَقَالَ قَالَ‏ ‏عُمَرُ‏ ‏لَا نَدَع كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَا نَدْرِي أَحَفِظَتْ ُ أَمْ نَسِيَتْ وَكَانَ ‏عُمَرُ‏ ‏يَجْعَلُ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ ‏حَدَّثَنَا ‏أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏هُشَيْمٌ ‏أَنْبَأَنَا‏ ‏حُصَيْنٌ‏ ‏وَإِسْمَعِيلُ‏ ‏وَمُجَالِدٌ‏ ‏قَالَ‏ ‏هُشَيْمٌ‏ ‏وَحَدَّثَنَا ‏دَاوُدُ‏ ‏أَيْضًا ‏عَنْ ‏ ‏الشَّعْبِيِّ ‏ ‏قَالَ ‏دَخَلْتُ عَلَى ‏فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ‏ ‏فَسَأَلْتُهَا عَنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فِيهَا فَقَالَتْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ‏ ‏الْبَتَّةَ ‏ ‏فَخَاصَمَتْهُ فِي السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً وَفِي حَدِيثِ ‏دَاوُدَ ‏قَالَتْ وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ‏ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ‏ ‏قَالَ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏هَذَا‏ ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ‏ ‏وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ ‏ ‏الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ‏ ‏وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ‏ ‏وَالشَّعْبِيُّ‏ ‏وَبِهِ يَقُولُ ‏أَحْمَدُ وَإِسْحَقُ‏ ‏وَقَالُوا لَيْسَ لِلْمُطَلَّقَةِ سُكْنَى وَلَا نَفَقَةٌ إِذَا لـَمْ يَمْلِكْ زَوْجُهَا الرَّجْعَةَ ‏و قَالَ ‏بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ‏ ‏أَصْحَابِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏. ‏مِنْهُمْ ‏ ‏عُمَرُ ‏ ‏وَعَبْدُ اللَّهِ ‏ ‏إِنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ وَهُوَ قَوْلُ ‏ ‏سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ‏ ‏وَأَهْلِ ‏ ‏الْكُوفَةِ ‏ ‏و قَالَ ‏ ‏بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَهَا السُّكْنَى وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَهُوَ قَوْلُ ‏ ‏مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ‏ ‏وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ‏ ‏وَالشَّافِعِيِّ ‏ ‏و قَالَ ‏الشَّافِعِيُّ ‏ ‏إِنَّمَا جَعَلْنَا لَهَا السُّكْنَى بِكِتَابِ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :"‏ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّه"ِ ‏قَالُوا هُوَ ‏ ‏الْبَذَاءُ ‏ ‏أَنْ ‏ ‏تَبْذُوَ ‏‏عَلَى أَهْلِهَا وَاعْتَلَّ بِأَنَّ ‏ ‏فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ ‏ ‏لَمْ يَجْعَلْ لَهَا النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏السُّكْنَى لِمَا كَانَتْ ‏ ‏تَبْذُو ‏ ‏عَلَى أَهْلِهَا قَالَ ‏ ‏الشَّافِعِيُّ ‏ ‏وَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فِي قِصَّةِ حَدِيثِ ‏ ‏فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ‏] .


    5ـ عرض السنة على السنة: وذلك فيما ظاهره التعارض بين الأحاديث فإن الصحابة رضي الله تعالى عنهم اختلفوا فيما يوجب الغسل ففي حديث الحسن بن رافع في رواية البخاري :


    [ حَدَّثَنَا ‏ ‏مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ ‏ ‏قَالَ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏هِشَامٌ ‏ ‏ح ‏ ‏و حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو نُعَيْمٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏هِشَامٍ ‏ ‏عَنْ ‏قَتَادَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الْحَسَنِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي رَافِعٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ ‏ ‏جَهَدَهَا ‏ ‏فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ ‏تَابَعَهُ ‏ ‏عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏شُعْبَةَ ‏ ‏مِثْلَهُ ‏ ‏وَقَالَ ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبَانُ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏قَتَادَةُ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏الْحَسَنُ ‏ ‏مِثْلَهُ ].


    وكان قد احتج بعضهم بما رواه أبو داود ومسلم عن أبى سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الماء من الماء [‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ وَهْبٍ ‏ ‏أَخْبَرَنِي ‏عَمْرٌو ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ‏‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏الْمَاءُ ‏ ‏مِنْ ‏ ‏الْمَاءِ ‏ ‏وَكَانَ ‏ ‏أَبُو سَلَمَةَ ‏ ‏يَفْعَلُ ذَلِكَ ]


    6 ـ عرض السنة على القياس : ومن ذلك ما رواه الترمذي وابن ماجة [ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ أَبِي عُمَرَ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي سَلَمَةَ الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ مِنْ مَقْدَمِهِ ‏‏ الْمَدِينَةَ ‏ ‏فَسَارَ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إِلَى ‏ ‏مَكَّةَ ‏ ‏يَصُومُ وَيَصُومُونَ حَتَّى إِذَا بَلَغَ ‏ ‏الْكَدِيدَ ‏ ‏وَهُوَ مَا بَيْنَ ‏ ‏عُسْفَانَ ‏ ‏وَقُدَيْدٍ ‏ ‏أَفْطَرَ وَأَفْطَرَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ فَلَمْ يَصُمْ ]( البخاري حديث رقم 1287 و 1289 ومسلم 2189 و 2190) .


    وحج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع تسعون ألفا من المسلمين ، وسأل رجل أبا زرعة الرازي فقال له يا أبا زرعة أليس يقال حديث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث قال ومن‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ ‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ وَلَوْ مِنْ ‏ ‏ثَوْرِ ‏ ‏أَقِطٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏فَقَالَ لَهُ ‏ ‏ابْنُ عَبَّاسٍ ‏ ‏يَا ‏ ‏أَبَا هُرَيْرَةَ ‏ ‏أَنَتَوَضَّأُ مِنْ الدُّهْنِ أَنَتَوَضَّأُ مِنْ ‏ ‏الْحَمِيمِ ‏ ‏قَالَ فَقَالَ ‏ ‏أَبُو هُرَيْرَةَ ‏ ‏يَا ابْنَ أَخِي إِذَا سَمِعْتَ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَلَا تَضْرِبْ لَهُ مَثَلًا ‏ ‏قَالَ ‏ ‏وَفِي ‏ ‏الْبَاب ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أُمِّ حَبِيبَةَ ‏ ‏وأُمِّ سَلَمَةَ ‏ ‏وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ‏ ‏وَأَبِي طَلْحَةَ ‏ ‏وَأَبِي أَيُّوبَ ‏ ‏وَأَبِي مُوسَى ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏وَقَدْ رَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْوُضُوءَ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ ‏ ‏وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ ‏ ‏أَصْحَابِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ ] (سنن الترمذي , الطلاق واللعان عن رسول الله 1100).


    فتلك الضوابط التي سبق إيرادها إنما تشير إلى مدى اهتمام الصحابة رضي الله تعالى عنهم برواية الحديث والعناية به وصيانته .



    إن الله عز وجل كما أراد لهذه الشريعة البقاء والحفظ ، أراد سبحانه أيضاً ألا يكلف عباده من حفظها إلا بما يطيقون ولا يلحقهم فيه مشقة شديدة ، فمن المعلوم أن العرب كانوا أمة أمية ، وكان يندر فيهم الكتبة ، وكانت أدوات الكتابة عزيزة ونادرة ، حتى إن القرآن كان يكتب على جريد النخل والعظام والجلود ، وقد عاش النبي بين أصحابه بعد البعثة ثلاثًا وعشرين سنة ، ولهذا كان التكليف بكتابة الحديث كله أمرا ًفي غاية الصعوبة والمشقة ، لأنه يشمل جميع أقواله وأفعاله وأحواله وتقريراته ، ولِما يحتاجه هذا العمل من تفرغ عدد كبير من الصحابة له ، مع الأخذ في الاعتبار أن الصحابة كانوا محتاجين إلى السعي في مصالحهم ومعايشهم ، وأنهم لم يكونوا جميعا يحسنون الكتابة ، بل كان الكاتبون منهم أفراداً قلائل ، فكان تركيز هؤلاء الكتبة من الصحابة على كتابة القرآن دون غيره حتى يؤدوه لمن بعدهم تامًا مضبوطًا لا يُنْقص منه حرف .

    ومن أجل ذلك اقتصر التكليف على كتابة ما ينزل من القرآن شيئاً فشيئاً حتى جمع القرآن كله في الصحف .

    وكان الخوف من حدوث اللبس عند عامة المسلمين فيختلط القرآن بغيره - وخصوصاً في تلك الفترة المبكرة التي لم يكتمل فيها نزول الوحي - أحد الأسباب المهمة التي منعت من كتابة السنة .

    ثم إنه لم يحصل لحفاظ السنة في عهد الصحابة ما حصل لحفاظ القرآن ، فقد استحرَّ القتل بحفاظ القرآن من الصحابة ، أما السنة فإن الصحابة الذي رووا الحديث عن رسول الله كانوا كُثر ، ولم يحصل أن استحر القتل فيهم قبل تلقي التابعين عنهم .

    ومن الأسباب أيضاً أن السنة كانت متشعبة الوقائع والأحداث فلا يمكن جمعها كلها بيقين ، ولو جمع الصحابة ما أمكنهم فلربما كان ذلك سبباً في رد من بعدهم ما فاتهم منها ظناً منهم أن ما جمع هو كل السنة .

    ثم إن جمعها في الكتب قبل استحكام أمر القرآن كان عرضة لأن يُقبِل الناس على تلك الكتب ، ويدعوا القرآن ، فلذلك رأوا أن يكتفوا بنشرها عن طريق الرواية ، وبعض الكتابات الخاصة .

    أضف إلى ذلك أن القرآن يختلف عن السنة من حيث أنه متعبد بتلاوته ، معجز في نظمه ولا تجوز روايته بالمعنى ، بل لا بد من الحفاظ على لفظه المنزل ، فلو ترك للحوافظ فقط لما أمن أن يزاد فيه حرف أو ينقص منه ، أو تبدل كلمة بأخرى ، بينما السنة المقصود منها المعنى دون اللفظ ، ولذا لم يتعبد الله الخلق بتلاوتها ، ولم يتحداهم بنظمها ، وتجوز روايتها بالمعنى ، وفي روايتها بالمعنى تيسير على الأمة وتخفيف عنها في تحملها وأدئها .

    وقد بلَّغ الدين كله وشهد الله له بهذا البلاغ فقال سبحانه :{يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس } (المائدة 67) ، ووجود السنة بين الأمة جنباً إلى جنب مع القرآن الكريم فيه أبلغ دلالة على تبليغ الرسول إياها لأمته وبالتالي لم يضع نصف ما أوحاه الله إلى نبيه كما زعم الزاعمون - ، بل الجميع يعلم أن الصحابه رضي الله عنهم كانوا يتمتعون بحوافظ قوية ، وقلوب واعية ، وذكاء مفرط ، مما أعانهم على حفظ السنة وتبليغها كما سمعوها ، مستجيبين في ذلك لحث نبيهم لهم بقوله : ( نضر الله امرءاً سمع مني مقالة فحفظها فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع ) رواه الترمذي وغيره .

    فتم ما أراده النبي - صلى الله عليه وسلم - من حفظ السنة وتبليغها ، ويكون بذلك قد بلغ دين الله عز وجل كاملاً ولم ينقص منه شيئاً .

    والله أعلي وأعلم

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت مايو 18, 2024 10:08 pm