ملتقي سرايا القدس



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقي سرايا القدس

ملتقي سرايا القدس

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقي سرايا القدس

اجمل المنتديات الجهاد الاسلامي

قال الرسول صلى الله عليه وسلم : « من دخل السوق فقال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير" كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف الف درجة »

    الاستشهادية عندليب طقاطقة

    اسد الجهاد
    اسد الجهاد


    عدد المساهمات : 312
    تاريخ التسجيل : 06/10/2009
    العمر : 30
    الموقع : sareya

    الاستشهادية عندليب طقاطقة Empty الاستشهادية عندليب طقاطقة

    مُساهمة  اسد الجهاد الأحد أكتوبر 25, 2009 4:59 am

    الاستشهادية عندليب طقاطقة


    التي صمّمت على الثأر لدماء إيمان حجّو و شهداء مجزرة جنين

    في الساعة السادسة و النصف من صباح يوم الجمعة 12/4/2002 ، استيقظت عندليب طقاقطة - 21 عاماً - من بلدة بيت فجار التي تقع على تلال تتوسط محافظتي بيت لحم و الخليل ، و كان كل من في البيت نائماً ، بعد سهر ليلة طويلة من ليالي شهر نيسان 2002 الذي شن فيه مجرم الحرب شارون أوسع عملية ضد الشعب الفلسطيني و عرفت إعلامياً باسم السور الواقي.

    و كانت بلدة بيت فجار مطوّقة مثل باقي القرى و البلدات ، في مثل هذه الأجواء استيقظت عندليب و صنعت شاياً و قدّمت كأساً منه إلى شقيقها أحمد الذي بدأ يتململ في فراشه .

    يستذكر أحمد تلك اللحظات الثمينة : "كان كل شيء عادياً ، جلبت لي عندليب الشاي و خرجت إلى باحة البيت لتشرب هي أيضاً كأس شاي" ، و منذ تلك اللحظات لم يرَ أحمد شقيقته ، التي خرجت من البيت ، و اعتقد الأهل أنها ربما تكون في زيارة لإحدى شقيقاتها المتزوجات في القرية أو في منزل أحد الجيران و الأقارب ، و لم يخالجهم خوف عليها رغم تقدّم النهار و عدم عودتها ، و حتى عندما تواردت الأنباء عن هجوم استشهادي في القدس الغربية ، لم يخطر ببال أيّ من في البيت أن عندليب التي لم تكن تبدي اهتماماً استثنائياً بالسياسة ، يمكن أن تكون هي نفسها بطلة ذلك الهجوم الذي شكّل صفعة قوية و مدوية للجنرال شارون الذي يحاصر المدن الفلسطينية و يتركب جنوده الجرائم في جنين و نابلس و بيت لحم و رام الله و يحاصرون كنيسة المهد ...

    و في ساعات الليل كانت مخابرات الاحتلال و جنوده تقتحم منزل العائلة المتواضع الذي خرجت منه عندليب صباحاً دون أن تترك أي إشارة لعزمها على تنفيذ عملية استشهادية ، و تأكّد في تلك الليلة الصعبة أن عندليب الهادئة الوادعة صاحبة القلب الكبير كانت قرّرت و نفّذت .

    و منذ ذلك اليوم اعتقلت سلطات الاحتلال العديد من أقرباء و أشقاء عندليب و تم هدم منزل العائلة في بلدة بيت فجار ، و لكن اللافت أنها بقيت هي محور سكان ذلك المنزل ، الذين لا يكادون يتحدثون عنها ، سواء كانوا صغاراً أو كباراً ، و يحتفظ كل منهم بأيّ مشهد أو كلمة أو حوار أو أي قطعة ملابس تذكّره برائحة الراحلة الغالية ..

    عبير .. أقرب شقيقات عندليب إليها تقول : "كانت شخصية عندليب قوية ، و تمّتعت بعلاقات طيبة و واسعة مع الأقارب و الجيران ، و في الأيام التي سبقت استشهاد عندليب ولدت طفلة و تم وضعها في المستشفى في قسم الأطفال عدم كاملي النمو ، و فجأة بدأت عندليب تلحّ علينا بأن نجلب الطفلة ، و قلنا لها إن الطفلة سيتم إخراجها من الحضانة يوم السبت فكانت تجيب لا يوجد وقت للسبت و لم نكن نعرف عن ماذا تتحدث ، و أنها ستنفّذ عمليتها يوم الجمعة ، و ذهبت هي و أمي رغم الحواجز و الحصار ، و جلبت الطفلة و في الطريق قالت لأمي : نريد أن نلعب بأعصاب عبير ، ما رأيك لو قلنا لها إن جيش الاحتلال قتل الطفلة برصاصة ، و عندما وصلت البلدة حاولت أن تلعب بأعصابي ، و أصبح كل ذلك الآن من الذكريات المحببة إلى نفسي" ..

    و تستدرك عبير : "كان ذلك يوم الخميس قبل يوم من استشهادها ، و أصّرت عندليب على حمل الطفلة طوال الطريق من الخليل إلى بلدتنا" ، و عندما استشهدت عندليب بعد يومين من جلب الطفلة التي كان اسمها إيمان ، غيّرت عبير اسم طفلتها لتصبح عندليب ، و تتذكّر عبير : "قالت لي عندليب قبل استشهادها لماذا لا تغيّرين اسم ابنتك و تسمّيها عندليب و لم أكن أعرف حينها بأن عندليب تودّعنا" .. و تضيف : "قلت لها اسم إيمان جميل ، و لكنها قالت لي (و اسم عندليب أجمل) ، سمّها عندليب أحسن" ! ..

    و أصبحت عبير الآن أم عندليب ، التي تقوم بدور الأم و الأب لطفلتها بعد اعتقال زوجها و الحكم عليه بخمس سنوات بتهمة مقاومة الاحتلال ، و تم إلقاء القبض عليه بعد فترة قصيرة من استشهاد عندليب ..

    و بعد استشهادها تركت عندليب مفاجأة لشقيقتها عبير ، حيث اكتشف الأهل أنها وضعت هدية للطفلة الجديدة في خزانتها و هي عبارة عن طقم للصغيرة و آية الكرسي و بنطلوناً لعبير مع بطاقة تحمل تمنياتها للصغيرة بالعيش في وطن حرّ ..
    الكل في البيت و الحارة يتحدّث عن مرح عندليب ، و يعود شقيقها أحمد ليكمل ما حدث يوم استشهادها : "عندما خرجت عندليب صباحاً ، استشعرنا غيابها و جاء الظهر ثم المغرب و أيقنّا أنها تأخّرت و أنها غابت لسبب قاهر ، و في منتصف الليل ، داهمت المنزل قوة احتلالية كبيرة و تم اعتقال العديد منا و أرونا صورة لعندليب و هي ملقى على الأرض و شعرها منفوش ، فأيقنا بأن شقيقتنا التي خرجت صباحاً و أثارت قلقنا بغيابها ، هي التي انتقمت لشلال الدماء النازف من شعبنا" ..

    و تقول شقيقة أخرى لها : "أعتقد أن أكثر ما أثّر في شخصية شقيقتي هو مقتل الطفلة إيمان حجّو ، لقد لاحظت عليها تأثرها الشديد و بدأت تتابع نشرات الأخبار و ربما كان الأمر الذي حسم خيارها هو ما حدث من مجازر في مخيم جنين ، كان العالم و العرب يتفرّجون ، و كان لا بد من رد ، فتقدّمت عندليب التي عابت في وصيتها المسجلة تخاذل الحكام العرب" ..

    و بعد استشهادها تبيّن أنها عملت مع مجموعة مروان زلوم القائد في كتائب شهداء الأقصى في الخليل و الذي اغتالته سلطات الاحتلال بعد فترة من استشهاد عندليب ، و تم اعتقال عددٍ من أبناء بلدة بيت فجار مثل حمزة عمر شمارخة - 23 عاماً – و الذي حكم بستة مؤدبات و أمجد كامل طقاطقة - 25 عاماً – و الذي لم يحكم بعد ، لعلاقة الاثنين المفترضة بعملية عندليب ..

    و تقول عبير التي مثل غيرها ، تتحدث و كأن عندليب حاضرة أو أنها ذهبت في مشوار و ستعود حالاً : "قبل أيام من استشهادها ، طلبت مني عندليب أن أصنع لها حلوى محلية ، و بقي بعض من مواد هذه الحلوى لم أصنعه ، و أحتفظ به حتى الآن كذكرى" ..

    ومثل عبير يحتفظ أقارب و أصدقاء عندليب بأشياء تخصّ عبير تذكّرهم برائحتها العطرة مثل نظارتها ، قميص ، صور ، عقود و حاجيات أخرى .. و بتاريخ 27/7/2002 وصل رفات عندليب إلى البلدة و تم مواراته بإجلال في مقبرة البلدة ، و عندما خرجت من منزل العائلة قصدت المقبرة البعيدة نسبياً ، قرأت الفاتحة على روح عندليب و لم أستطع أن أمنع دمعتين انفلتتا من عيني على من جعلوا حياتنا ، باستشهادهم ، ذات معنى ..

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين نوفمبر 25, 2024 12:31 am