الرباط في : 13-04-2008 .
إلى أهل القرآن
حدث القرن21 بامتياز
*******هام جدا وجاد جدا *******
*********عن صحيح الفهم المقروء بذاته لقوله سبحانه *********
***"قالت الأعراب آمنا ، قولوا لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا... "***
************************************************
من الحقائق المظهرة الحقيقة التي تقول أن الرأي الفقهي زائغ كثيرا عن المفهوم الصحيح لمعنى الإيمان ولمعنى الإسلام ؛ وأن هذا الزيغ شكل أسس الزيغ كله عن التعريف الصحيح لدين الإسلام وفروعه وعن الصواب تباعا في الفهم والحكم بخصوص الكثير من المسائل كما هو الحال في مسألة التكفير مثلا ومسألة الرقيات الدعائية والإستشفائية. ولدينا في موضوع هذا المقال مثال جامع من حيث بعد الزيغ عن مفهوم الإيمان ومفهوم الإسلام ومن حيث بعد الزيغ عن تعريف دين الإسلام على أساسه ومن حيث سلسلة الزيوغ التي يتسببان فيها تباعا على صعيد جل المواضيع الفرعية. وكما هو الحال بخصوص السبب في وقوع الكثير من الزيوغ فالأمر هنا لا علاقة له باللعين الغرور إبليس وإنما هو يطرح علامة إستفهام ضخمة بشأن غرابة ما تم الإعتقاد به ونهجه على أساسه خوضا في التعريف بدين الإسلام وبهدايته القرآنية . ولئن نحشر أحجبة هذا اللعين فموضوع هذه الغرابة يظل هو نفسه متمثلا في مدى بعد تجاهلنا ما نعلم وننطق به ونؤمن به وإيماننا في المقابل بما يتعارض معه عظيم التعارض البين الواضح .
فالمفهوم اللغوي لمعنى الإيمان المعلوم لدى الجل والذي سبق التذكير به يقول أنه مسألة إقتناع فكري وقناعة فكرية بصحة وصدق معلومة أو خبر أو نظرية وحيث قوتها تكون بقدر حجم وقوة بينات الإقناع المتلقات ؛ فيكون إيمانا ضعيفا قد لا تختلف قوته عن قوة الإيمان الواقع بالتسليم أو إيمانا متوسطا أو إيمانا قويا يكون منتهاه هو الإيمان الواقع بتمام اليقين ودون أدنى شك وتشكيك . والمفهوم اللغوي لمعنى الإسلام المعلوم كذلك والذي سبق التذكير به هو مسألة تطبيق تتبع مسألة الإيمان ؛ أي أنه التطبيق لإملاء ما يؤمن ويقتنع به المرء . وقد يعني حصرا عملية الإستسلام الظرفي لجهة معينة لتحصيل مصلحة ذاتية معينة كالإستسلام للقضاء في قضية معينة أو الإستسلام للطبيب لتحصيل العلاج والشفاء . وقد تكون عملية مسترسلة في الزمن تطبيقا نسبيا أو كليا لمجموعة من الإملاءات قصدا للتحصيل من الجودة في المصلحة الذاتية المرغوب فيها.
وبالإستناد إلى المعلوم كذلك زيادة على ما ذكر أعلاه ، فالإيمان ثلاث أنواع :
أوله الإيمان العقلاني بشموليته وبغض النظر عن مسألة التطبيق والطاعة. وتلقي تقويمه هو حق للعباد الثقلين على خالقهم الحق سبحانه رب العالمين . وهو يشكل بدوره تقويم الإسلام بمفهوم الطاعة فيما يملي به من الحق والصواب في النهج قولا وفعلا وفي تحديد المقاصد والسبل سبيلا لتحصيل المصلحة الذاتية التي هي دوما تكون كذلك أولا وآخرا في كل سعي دنيوي طيب . وباكتمال تقويمه في شخص التقويم المنزل تكتمل الهداية الربانية ولا يبقى للمرء عذر في أن لا يسلم ، ويقع عليه إستحقاق نعت الكافر بالتمام والكمال إن لا يفعل . وكل ما يقع منه لا يمكن محوه من الذاكرة . وهو إيمان يزداد دوما ولا ينقص أبدا . ويقول سبحانه بهذا الخصوص في سورة الليل :
ــــــــــــــــــــــــــــ باسم الله الرحمان الرحيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
"إن علينا للهدى(12) وإن لنا للآخرة والأولى(13)".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صدق الله العظيم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والثاني هو الإيمان القلبي الذي هو طرف الإيمان العقلاني المطبق والمثمر على أرض الواقع . فالكل يشهد أننا نحن البشر لا نتبع كل إملاء عقولنا فيما نؤمن به من الحق والصواب . بل نتبع بعضه ونترك البعض الآخر بشكل من أشكال التبرير . والإيمان القلبي الصادق فعلا تمام الصدق هو إيمان ثابت وغير قار ولا يتراجع وإنما هو نام حجمه باسترسال مهما قل أوله . فصاحبه يكون دوما متطلعا إلى المزيد منه وساعيا إليه به هو نفسه وبأفضاله وثماره على أرض الواقع .
والثالث هو الإيمان المكفر به الذي يشكله طرف الإيمان العقلاني الذي لا يتبعه المرء . وكل له شاكلته الخاصة في الكفر بما يؤمن به عقله وله نسبه الخاصة من الإيمان العقلاني المكفر به. وكل يتميز عن غيره بشاكلته هذه وبنسب ما يكفر به من إيمانه العقلاني ظالما بذلك نفسه أو غيره .
وأما عن الإسلام فهو صنفين : هناك الإسلام بالقول دون الفعل وهو بذلك إسلام قولي بقيمة التسليم . وهناك الإسلام العملي الذي تختلف جودته من عبد لآخر ، ويمكن ذكر أنواعه على أنها تتمثل في الإسلام الضعيف غير المرضي والسلبية نتيجته على أرض الواقع ، والإسلام المتوسط الذي صاحبه على شفى حفرة ، والإسلام المرضي الذي هو لا بأس به أو المستحسن أو الحسن أو الجيد أو التام .
والغاية المثلى لدى العبد من الثقلين في الحياة الدنيا وضمن إمتحانها الحق هي في الأصل أن يبلغ التساوي التام بين إيمانه العقلاني وإيمانه القلبي ويكون بذلك إيمانه المكفر به صفرا خالصا هدية عظيمة توجه لإبليس الغرور الغبي الملعون . وجودة طمأنينة النفس هي بقدر تدني الفارق بينهما ؛ أي أنها تعلو كلما تدنى الفارق وتكون ضعيفة كلما كان الفارق كبيرا . وكذلك الأمر بالنسبة لجودة الفلاح الدنيوي لدى المرء .
وما ذكر هو إذا كله من المعلوم لغويا ومشهود مضمونه على أرض الواقع . ولا أحد أراه ينكره لا من عامة الناس ولا من الفقهاء والعلماء . ولا يختلف شيء منه في رحاب دين الإسلام ، وما له أن يختلف . وإنما يضاف إليه في زمننا الهجري فقط هدي الله القرآني الذي هو جله تذكير به وبيناته سبحانه الوافرة التي من شأنها أن توقع الإيمان التام به سبحانه وبهديه المنزل وبحسم نفعه في مسألة الفلاح في الحياة الدنيا وفي إمتحانها الحق . وإن تلقي الحجم المتوسط من هذه البينات القدسية ليكفي العبد من الثقلين لإيقاع الإيمان القلبي لديه بجودة مرضية بناءة راقية تضمن له الفلاح الطيب في الحياة الدنيا والنجاح في إمتحانها الرباني واستحقاق ولوج الجنة والنجاة من عذاب جهنم .
ويقول عز وجل جلاله علاقة بالموضوع المفتوح :
ــــــــــــــــــــــــــــــ باسم الله الرحمان الرحيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ، ... (58)". س. النساء .
"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون(21)". س. الأنفال .
"يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون(24)". س. لاأنفال .
"ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ، ... (15)". س. الحديد .
"يا أيها الذين آمنوا إستعينوا بالصبر والصلاة ، إن الله مع الصابرين(152". س. البقرة .
"قل للذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال(36)". س. إبراهيم .
"أعد الله لهم عذابا شديدا ، فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا ، قد أنزل الله إليكم ذكرا(10) رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا من الظلمات إلى النور ، ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا ندخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ، قد أحسن الله له رزقا (11)". س الطلاق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صدق الله العظيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فكما هو بين جليا في هذه الآيات الكريمة ، يخاطب سبحانه المؤمنين أو الذين آمنوا ومنهم أهل القرآن المعلنون إسلامهم ويدعوهم إلى الطاعة التي هي مسألة إسلام تطبيقي مفترض أن يتبع الإيمان العقلاني والإسلام المعلن بالقول . ويدعوهم مثلا إلى الإستعانة بالصبر والصلاة وإلى الصدقة والزكاة والوفاء بالأمانات وحيث كل ما يدعوهم إليه عز وجل جلاله هو أعمال وأفعال تندرج ضمن إلزامية الطاعة الطوعية له عز وجل والإسلام له عبر التطبيق قصدا لأقوم المصلحة الذاتية المرغوب فيها. ويرد إذا جليا في مضامين هذا الخطاب الكريم حقيقة تواجد الإيمان العقلاني قبل تواجد الإسلام سواء منه الإسلام القولي أو الإسلام الفعلي بمفهوم التطبيق . وضمن الحقائق الواردة كذلك في قوله سبحانه والتي لا تخالف منطق العقل المدرك من لدن كل ذي عقل سليم الحقيقة التي تقول أن إكتساب الإيمان العقلاني لا يعني بالقطع حتمية إكتساب العصمة من المعاصي والكبائر ولا إكتساب الجودة في الطاعة والإسلام . وجوهر الحقيقة بخصوص مسألة الإيمان ومسألة الإسلام التي على المؤمن من أهل القرآن أن يعيها جيدا هي بالتالي متمثلة في التفاصيل التي تقول أن مسألة الإيمان والجودة في الإيمان هي تقويم لمسألة الإسلام والجودة في الإسلام ؛ وأن مسألة إيمان العبد بربه يتكفل بتدبيرها الخالق نفسه عز وجل جلاله بما يعني أنه هو سبحانه من يخلق الإيمان في عقول عباده كحق لهم عليه عز وجل جلاله عبر خلق وتنزيل تقويمه التام لعله ينفذ إلى قلوبهم فيسلموا ويطيعوه ويقدسوه ؛ وأن مسألة الإسلام هي مسألة عباده الثقلين مخيرين فيها تمام التخيير بما يعني أن الإسلام هو فعل يقرره العبد نفسه تطبيقا لما يملي به عليه إيمانه الواقع وأن جودته هي التي تشكل نتيجة إمتحانه الدنيوي المبني عليها مدى فلاحه الدنيوي ومآله بعد الحساب الأكبر ؛ وأن قدر إيمان المرء الواقع في العقل هو دوما يكون أكبر من الإيمان المثمر لديه على أرض الواقع عبر التطبيق لأن غايته المثلى تظل متمثلة في بلوغ أعلى الجودة في تطبيق كل ما يملي به عليه إيمانه العقلاني .
وأما عن الذي قوم المصادقة الفقهية على ذاك "الحديث" وذاك القول المستنتج منه فهو المنهجية الفقهية نفسها التي تم الطعن فيها ضمنيا من خلال ما ذكر في المقالات السابقة والتي هي سبب كل الزيغ الفقهي عن الصواب في المعرفة بدين الإسلام . فقد صدق فقهاؤنا وعلماؤنا هذا "الحديث" وهذا القول الشيطانيين وبحثوا لهما عن سند في القرآن الكريم بعد هذا التصديق . وجرت العادة بطبيعة الحال بإملاء هذه المنهجية المعكوس فيها المنطق أن يخضع القرآن من حيث شرحه وفهمه إلى المصدق به قبلا عبر "الأحاديث" والمورث الفقهي المبني عليها أساسا عوض العكس ؛ أي أن يشرح ويفهم بالذي يثبت هذا التصديق . بينما الصواب المذكر به كذلك ضمنيا فيما سبق ذكره يقول أن المنهجية التي كان من الواجب ومن منطق العقل إتباعها هو تدبر القرآن الكريم مباشرة عبر وساطة العقل حصرا والتصديق والتسلح بمضامينه الكريمة المنيرة اليسيرة في التلقي والفهم بقضاء من لدنه سبحانه الرحمان الرحيم ذي الكمال ، ثم تدبر باقي المضامين المتلقات من مصادر غيره على أساسها وبما يمكن بالتالي من الفصل النافذ فيها بين الكذب والباطل وبين الحق والصواب .
وأما عن هذا السند القرآني الذي تمت على أساسه المصادقة الفقهية على ذاك القول ، وعلى أساس فهمه المغلوط بطبيعة الحال إستنادا إلى ما سبق توضيحه وأيضا بتأكيد الفهم الصحيح الواضح المقروء الذي سيتم إظهاره ، فهو يتمثل في قوله سبحانه المعين بسطر تحته :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ باسم الله الرحمان الرحيم ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"قالت الأعراب آمنا ، قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ، وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا ، إن الله غفور رحيم(14)". س. الحجرات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صدق الله العظيم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالتدبر الحق لهذه الآية الكريمة يفضي إلى الحقيقة التي تقول أن الإسلام المقصود الوارد في قوله سبحانه "قولوا أسلمنا" هو فقط الإسلام بالقول المعلن المنحصرة عمليته في زمن هذا الإعلان وليس الإسلام بمفهوم التطبيق الممتد في الزمن بغاية التحصيل من الجودة في الطاعة لما يملي به الإيمان الواقع في العقل ، كإسلام من يعلن إسلامه لله بذكر الشهادتين وكإسلام من أسلم زمنا وليس له فيه من الإسلام إلا ذكر الشهادتين . وتقول أن الإيمان المقصود الوارد في قوله سبحانه "قل لم تؤمنوا" هو الإيمان الصادق غير المكفر به المثمر على أرض الواقع عبر التطبيق والإسلام بمفهوم التطبيق . ولا يعني سبحانه بقوله المذكور بأن المعنيين به لا إيمان لهم . بل يرد في قوله عز وجل جلاله ما مضمونه ضمنيا أن لهم قدر معين من الإيمان بالغ عقولهم دون قلوبهم كما هو وارد في قوله عز وجل جلاله "ولما يدخل الإيمان في قلوبكم" ؛ وأن قسطا حثيثا منه فقط هو الذي أثمر وأوقع إسلامهم القولي الذي يقر سبحانه بتواجده لديهم كما هو وارد في قوله سبحانه "قولوا أسلمنا" ؛ وأن القسط الأوفر منه هم به كافرون وغير مثمر على أرض الواقع عبر سبيل الطاعة والتطبيق كما هو وارد مضمونه في قوله الكريم الأخير "وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا ، إن الله غفور رحيم". فقول الله في هذه الآية الكريمة هو إذا واضح لا غبار عليه ، وفهمه الصحيح مقروء جاهز للإستهلاك بدون أيتها وساطة إلا وساطة العقل كفاية ، وفيه مبين تذكيرا مفهوم الإيمان بأنواعه الثلاث العقلاني والقلبي والمكفر به ومفهوم الإسلام بصنفيه القولي والتطبيقي الفعلي . ولا علاقة به إذا لفهمه الفقهي بتاتا ؛ ولا يثبت شيئا من صحة ذاك "الحديث" وذاك القول وإنما هو يثبت بطلانهما بالتمام والكمال .
ونفس الفهم الصحيح لقوله عز وجل جلاله الوارد في الآية المذكورة أعلاه بخصوص ما ذكر عن مفهوم الإيمان ومفهوم الإسلام ونفس المضامين الواردة بخصوصهما علاقة بالأعراب نجدهما بتمام الوضوح في الآية التالية رقم15 من نفس السورة الكريمة حيث يقول سبحانه :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ باسم الله الرحمان الرحيم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ، أولئك هم الصادقون(15)". س. الحجرات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صدق الله العظيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكما يلاحظ القارئ ، فسبحانه يرد على هؤلاء الأعراب مذكرا إياهم وقبيلهم بتعريف الإيمان الحق على أنه الإيمان الصادق بالله ورسوله الخالي من الريبة والذي يتبين بيان صدقه من خلال الطاعة بالجهاد في سبيل الله بالأموال والأنفس والعمل الصالح عموما. أي ما مضمونه في قوله سبحانه ضمنيا أن ما يعاب عليهم هو تواجد الإيمان العقلاني المكفر به وغياب الطاعة والإسلام التطبيقي الذي من شأنه وحده أن يعكس ويثبت صدقهم . وكذلك على القارئ أن يلاحظ أن نعت "الصادقون" لا يقصد به سبحانه الصدق في القول وإنما هو الصدق مع الذات فيما يملي به الإيمان العقلاني المحصل وحيث عكس ذلك هو كذب على النفس ، وهو بذلك عز وجل جلاله يحدثنا كذلك عن هذا الإيمان وعلى أنه واقع منه كفاية في عقل كل العباد الثقلين ومنه زيادة بتقويم رسالة القرآن ما من شأنه أن يوقع الإسلام الفعلي تطبيقا لإملائه الحق المقتنع به ذاتيا على أنه حق؛ ويحدثنا سبحانه إذا تباعا عن الترابط الوثيق بين الإيمان والإسلام في دينه الحق .
وكذلك نفس هذه المضامين بنوعيها المقروءة والمستقرأ نجدها في الآية رقم 17 من نفس السورة حيث يقول سبحانه :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ باسم الله الرحمان الرحيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"يمنون عليك أن أسلموا ، قل لا تمنوا علي إسلامكم ، بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين(17)". س. الحجرات .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صدق الله العظيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ففي هذه الآية الجليلة يرد مرة أخرى إقرار من لدنه سبحانه للأعراب بإسلامهم القولي بذكره عز وجل جلاله "يمنون عليك أن أسلموا ، قل لا تمنوا علي إسلامكم". ويرد كذلك في قوله سبحانه "بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين" نفس الحقيقة المقروءة في الآية رقم14 والتي مضمونها أن هؤلاء الأعراب لهم قدر من الإيمان العقلاني الواقع فضلا من عنده سبحانه تقويما لهدايتهم وإسلامهم وطاعتهم الطوعية ، وأن جله مكفر به ولم يثمر منه إلا الجزء الحثيث جدا الذي أوقع إسلامهم القولي حصرا .
وعن حقيقة التواجد عموما في عقل كل عبد من الثقلين قدر من الإيمان في العقل ، وحقيقة تواجد الفرق بين الإيمان الصادق المثمر على أرض الواقع والذي مقره هو العقل والقلب بعده وبين الإيمان المكفر به الذي يظل مقره الوحيد هو العقل دون بلوغه القلب ومرحلة التطبيق لإملائه العقلاني ، يرد بيانهما جليا كذلك في قوله سبحانه مثلا :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ باسم الله الرحمان الرحيم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"... ، ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين(6)". س. المائدة .
"أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ، ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل(107)". س. البقرة .
"إن الذين إشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا، ولهم عذاب عظيم(176)". س. آل عمران .
"هل ينتظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك، يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، قل إنتظروا إنا منتظرون(159)". س. الأنعام .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صدق الله العظيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ففي قوله سبحانه "ومن يكفر بالإيمان" وقوله عز وجل جلاله "ومن يتبدل الكفر بالإيمان" وقوله الحق"إن الذين إشتروا الكفر بالإيمان" ترد حقيقة تواجد قدر معين من الإيمان في عقل كل عبد من الثقلين . وهذا الإيمان هو مشكل بطبيعة الحال من الإيمان العقلاني الفطري ومن الإيمان الموروث ومن الإيمان العقلاني المكتسب الذي يضاف إليهما. والقول بكفر المرء بالشيء هو يعني حقيقة علمه بهذا الشيء وإيمانه العقلاني بتواجده . والقول بتبديل الكفر بالإيمان هو يعني كذلك حقيقة تواجد الإيمان العقلاني بالشيء المعني واستبداله بالكفر به. والقول بشراء الكفر بالإيمان هو يعني أيضا حقيقة تواجد هذا الإيمان واستعماله كعملة لشراء الكفر. والإيمان الصادق الذي هو في القلب هو بطبيعة الحال غير قابل للكفر به أو إستبداله بالكفر أو إستعماله عملة لشراء الكفر به. وفي الطرف الثاني من قوله سبحانه في الآية رقم159 من سورة الأنعام "يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا" ترد كذلك هذه الحقيقة ويرد أيضا جليا تعريف الإيمان المكفر به وفي مقابله ضمنيا تعريف الإيمان الصادق المثمر على أرض الواقع . وفي كل قوله سبحانه يسطع دور الإيمان العقلاني عموما والقلبي الصادق أساسا كتقويم للإسلام الفعلي عبر إملائه المنطقي الهادي لأقوم المصلحة الذاتية ، ويسطع في المقابل مفهوم الإسلام الفعلي تطبيقا لهذا الإملاء وكسبيل عقلاني منطقي واحد ممكن من هذه المصلحة وكنتيجة مفترض تواجدها بضغط الحاجة إليها. وكل هذا الذي يعرف به سبحانه عن مفهوم الإيمان ومفهوم الإسلام في الدين وعلاقة أساسا بالمصلحة الذاتية المرغوب فيها هو ليس غريبا عن العقل وإنما هو كله من المعلوم المعرف به في قاموس اللغة العربية الفصحى والمعمول به على أرض الواقع ، وهو بذلك مجرد تذكير من لدنه عز وجل جلاله في قرآنه الكريم الذي سماه بالتذكير والذكر والذكرى والتذكرة .
وينفع التذكير هنا مرة أخرى بحكمته سبحانه لما نجد خطابه الجليل في القرآن الكريم الموجه إلى كل عباده الثقلين متضمنا جله عبارة "يا أيها المؤمنون أو "يا أيها الذين آمنوا" وحيث لم يستعمل سبحانه عبارة "يا أيها الناس" إلا قليلا ؛ ولما نجد خطابه كله الموجه إلى أهل القرآن مناديا إياهم بنفس هذه العبارة وليس بعبارة "يا أيها المسلمون" أو "يا أيها الذين أسلموا" . وكذلك على ضوء هذا التذكير وهذا التوضيح تتضح خصوصية تسمية"المسلم" الوارد بيانها في القرآن الكريم .
وعلى ضوء ما تقدمت به من تذكير معلومة كل مضامينه اللغوية ومعلومة جل مضامينه القرآنية مؤازرا بما تقدمت به من توضيح مستفيض فالقول بأن جودة التدين درجات أسفلها الإسلام وأعلى منه الإيمان وأعلى منهما الإحسان هو قول باطل بالتمام والكمال وبما لا غبار عليه ؛ وهو بذلك من قول الشيطان الغرور اللعين الذي إستغفلنا به ؛ ولا علاقة له بتاتا بقول النبي المصطفى الكريم (ص) ولا بوحي الخالق عز وجل جلاله.
وآخر ما يستحق تذكير الفقهاء والعلماء به ولم ينتبهوا له ، ولكي لا يبقى لأحد منهم المجال للتملص من الإعتراف بصواب الطعن المتقدم به بشأن ذاك "الحديث" وذاك القول الفقهي ، حقيقة كونهم قد وضعوا من ضمن الجودة في تلك العبادات الثلاث التي يقولون بها إسلام الأعراب البين قوله سبحانه فيه . أي البين في قوله سبحانه بأنه لا شيء من الإسلام الفعلي موجود لديهم يمكن إدراجه ضمن تلك المراتب في خانة الإسلام . بل بين فيه بجلاء ما يخبر بأنهم من الكافرين . وخير ما يستدل به على هذه الحقيقة قوله سبحانه "ولما يدخل الإيمان في قلوبكم" . صدق الله العظيم .
وقد تقدمت إذا في هذا المقال ببينات قرآنية تطعن كذاك بدورها في ذاك "الحديث" وتثبت بالنفاذ الثاقب أنه من وحي الشيطان وأنه لا علاقة له بالقطع بقول النبي المصطفى (ص) ولا بوحي الله عز وجل جلاله ، وتثبت تباعا بالنفاذ الثاقب أيضا أن ذاك القول المستنتج منه فقهيا هو قول باطل بالتمام والكمال .
وكل شيء في قول الله واضح إذا والعيب كله موجود في الرأي الفقهي الذي دفع به الغرور إلى تحريف فهم القرآن المجيد واعتماده سندا بعد التحريف لتثبيت صحة ما دسه في الحديث على أنه من عند الله .
***********************************************
قد غاظني الإجماع على الصمت في الرد علي من لدن كل من راسلتهم بشأن ما أدعيه ومنهم الكثير من الفقهاء والعلماء والدعاة ناصرين بصمتهم سمعتهم وسمعة العلم الفقهي الموروث على حساب الحق القرآني المحجوب الذي أظهرت لهم منه الكثير وبكثير من البينات الربانية ، والذي هم فاعلون في زمننا أيضا بجودة عالية في الإبقاء على صيرورة حجبه ومخالفون بذلك كله مبدأ المحاججة ومخالفون تباعا للحق سبحانه فيما يملي به عليهم بشأنها .
وقد ألقيت عليهم إلى حد الآن من خلال المنتديات التي أشارك فيها في ديار المغرب العزيز وفي باقي دير أهل القرآن ثلاث مواضيع في شخص ثلاث حقائق أخبر بها مدعومة بالحجج ليتقدم منهم من يرى نفسه مؤهلا لينازلي بشأنها . فهناك موضوع وعد الله سبحانه بإتمام نوره الكريم وبإظهار دينه الحق تباعا على الدين كله ، الذي هو وعد لم تشهده الأرض إلى حد الآن شهادة بذلك عظيمة شاملة ترد إلى صواب الطعون المتقدم بها بشأن العلم الفقهي ومنتجاته. وهناك موضوع الخطإ العظيم المتمثل في تسمية أهل القرآن ب"المسلمين" شهادة بذلك عظيمة جزئية تثبت مبدئيا صدق ما أدعيه كذلك . وهناك موضوع هذا المقال السادس حيث أظهرت بينة دامغة تثبت عدم صواب المنهجية الفقهية العريقة في تدبر المعرفة بدين الإسلام وبهديه القرآني المجيد من خلال "الحديث" والموروث الفقهي .
فمن ينازلي منكم بالحق والحجج في هذه المواضيع الثلاث المحددة يا رجال الدين المتخصصين ويا أهل القرآن وأهل الحق وأهل التبليغ ؟
فليبلغ القارئ من عامة الناس خبر هذه الدعوة كل معني بها من حوله ، وسأكون شكورا ممتنا له غيبا . ومن يرغب في أن تلقى رسميا كل رسالتي التبليغية على الفقهاء والعلماء وتلقى بعد ذلك على عامة الناس في أقرب وقت ممكن فليكثر في أوساطه من الحديث عنها وعن قضيتي الغريبة لعل خبرهما يبلغ بعد حين جلالة الملك محمد السادس ليأمر بهذا الذي عليه أن يكون بالضرورة . وأطالب الإعلاميين على إختلاف أنواعهم بنشر خبرهما من خلال مواقعهم الإعلامية معلقين في ذلك بما يشاءون حسب قناعتهم . فالحدث الذي عرفت بمضمونه وأدعى واقعيته هو جد جليل وجد عظيم . وكذلك دعوة المنازلة إياها هي فريدة من نوعها ولم يسبق لها مثيل . ولهم فيما ذكر مادة إعلامية قيمة أو أكثر حسب منظور كل واحد منهم تستحق الإهتمام بها ضمن تخصصهم الإعلامي .
جمال اضريف بلقب "أبوخالد سليمان" .
الرباط في : 13-04-2008 .
إلى أهل القرآن
حدث القرن21 بامتياز
*******هام جدا وجاد جدا *******
*********عن صحيح الفهم المقروء بذاته لقوله سبحانه *********
***"قالت الأعراب آمنا ، قولوا لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا... "***
************************************************
من الحقائق المظهرة الحقيقة التي تقول أن الرأي الفقهي زائغ كثيرا عن المفهوم الصحيح لمعنى الإيمان ولمعنى الإسلام ؛ وأن هذا الزيغ شكل أسس الزيغ كله عن التعريف الصحيح لدين الإسلام وفروعه وعن الصواب تباعا في الفهم والحكم بخصوص الكثير من المسائل كما هو الحال في مسألة التكفير مثلا ومسألة الرقيات الدعائية والإستشفائية. ولدينا في موضوع هذا المقال مثال جامع من حيث بعد الزيغ عن مفهوم الإيمان ومفهوم الإسلام ومن حيث بعد الزيغ عن تعريف دين الإسلام على أساسه ومن حيث سلسلة الزيوغ التي يتسببان فيها تباعا على صعيد جل المواضيع الفرعية. وكما هو الحال بخصوص السبب في وقوع الكثير من الزيوغ فالأمر هنا لا علاقة له باللعين الغرور إبليس وإنما هو يطرح علامة إستفهام ضخمة بشأن غرابة ما تم الإعتقاد به ونهجه على أساسه خوضا في التعريف بدين الإسلام وبهدايته القرآنية . ولئن نحشر أحجبة هذا اللعين فموضوع هذه الغرابة يظل هو نفسه متمثلا في مدى بعد تجاهلنا ما نعلم وننطق به ونؤمن به وإيماننا في المقابل بما يتعارض معه عظيم التعارض البين الواضح .
فالمفهوم اللغوي لمعنى الإيمان المعلوم لدى الجل والذي سبق التذكير به يقول أنه مسألة إقتناع فكري وقناعة فكرية بصحة وصدق معلومة أو خبر أو نظرية وحيث قوتها تكون بقدر حجم وقوة بينات الإقناع المتلقات ؛ فيكون إيمانا ضعيفا قد لا تختلف قوته عن قوة الإيمان الواقع بالتسليم أو إيمانا متوسطا أو إيمانا قويا يكون منتهاه هو الإيمان الواقع بتمام اليقين ودون أدنى شك وتشكيك . والمفهوم اللغوي لمعنى الإسلام المعلوم كذلك والذي سبق التذكير به هو مسألة تطبيق تتبع مسألة الإيمان ؛ أي أنه التطبيق لإملاء ما يؤمن ويقتنع به المرء . وقد يعني حصرا عملية الإستسلام الظرفي لجهة معينة لتحصيل مصلحة ذاتية معينة كالإستسلام للقضاء في قضية معينة أو الإستسلام للطبيب لتحصيل العلاج والشفاء . وقد تكون عملية مسترسلة في الزمن تطبيقا نسبيا أو كليا لمجموعة من الإملاءات قصدا للتحصيل من الجودة في المصلحة الذاتية المرغوب فيها.
وبالإستناد إلى المعلوم كذلك زيادة على ما ذكر أعلاه ، فالإيمان ثلاث أنواع :
أوله الإيمان العقلاني بشموليته وبغض النظر عن مسألة التطبيق والطاعة. وتلقي تقويمه هو حق للعباد الثقلين على خالقهم الحق سبحانه رب العالمين . وهو يشكل بدوره تقويم الإسلام بمفهوم الطاعة فيما يملي به من الحق والصواب في النهج قولا وفعلا وفي تحديد المقاصد والسبل سبيلا لتحصيل المصلحة الذاتية التي هي دوما تكون كذلك أولا وآخرا في كل سعي دنيوي طيب . وباكتمال تقويمه في شخص التقويم المنزل تكتمل الهداية الربانية ولا يبقى للمرء عذر في أن لا يسلم ، ويقع عليه إستحقاق نعت الكافر بالتمام والكمال إن لا يفعل . وكل ما يقع منه لا يمكن محوه من الذاكرة . وهو إيمان يزداد دوما ولا ينقص أبدا . ويقول سبحانه بهذا الخصوص في سورة الليل :
ــــــــــــــــــــــــــــ باسم الله الرحمان الرحيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
"إن علينا للهدى(12) وإن لنا للآخرة والأولى(13)".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صدق الله العظيم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والثاني هو الإيمان القلبي الذي هو طرف الإيمان العقلاني المطبق والمثمر على أرض الواقع . فالكل يشهد أننا نحن البشر لا نتبع كل إملاء عقولنا فيما نؤمن به من الحق والصواب . بل نتبع بعضه ونترك البعض الآخر بشكل من أشكال التبرير . والإيمان القلبي الصادق فعلا تمام الصدق هو إيمان ثابت وغير قار ولا يتراجع وإنما هو نام حجمه باسترسال مهما قل أوله . فصاحبه يكون دوما متطلعا إلى المزيد منه وساعيا إليه به هو نفسه وبأفضاله وثماره على أرض الواقع .
والثالث هو الإيمان المكفر به الذي يشكله طرف الإيمان العقلاني الذي لا يتبعه المرء . وكل له شاكلته الخاصة في الكفر بما يؤمن به عقله وله نسبه الخاصة من الإيمان العقلاني المكفر به. وكل يتميز عن غيره بشاكلته هذه وبنسب ما يكفر به من إيمانه العقلاني ظالما بذلك نفسه أو غيره .
وأما عن الإسلام فهو صنفين : هناك الإسلام بالقول دون الفعل وهو بذلك إسلام قولي بقيمة التسليم . وهناك الإسلام العملي الذي تختلف جودته من عبد لآخر ، ويمكن ذكر أنواعه على أنها تتمثل في الإسلام الضعيف غير المرضي والسلبية نتيجته على أرض الواقع ، والإسلام المتوسط الذي صاحبه على شفى حفرة ، والإسلام المرضي الذي هو لا بأس به أو المستحسن أو الحسن أو الجيد أو التام .
والغاية المثلى لدى العبد من الثقلين في الحياة الدنيا وضمن إمتحانها الحق هي في الأصل أن يبلغ التساوي التام بين إيمانه العقلاني وإيمانه القلبي ويكون بذلك إيمانه المكفر به صفرا خالصا هدية عظيمة توجه لإبليس الغرور الغبي الملعون . وجودة طمأنينة النفس هي بقدر تدني الفارق بينهما ؛ أي أنها تعلو كلما تدنى الفارق وتكون ضعيفة كلما كان الفارق كبيرا . وكذلك الأمر بالنسبة لجودة الفلاح الدنيوي لدى المرء .
وما ذكر هو إذا كله من المعلوم لغويا ومشهود مضمونه على أرض الواقع . ولا أحد أراه ينكره لا من عامة الناس ولا من الفقهاء والعلماء . ولا يختلف شيء منه في رحاب دين الإسلام ، وما له أن يختلف . وإنما يضاف إليه في زمننا الهجري فقط هدي الله القرآني الذي هو جله تذكير به وبيناته سبحانه الوافرة التي من شأنها أن توقع الإيمان التام به سبحانه وبهديه المنزل وبحسم نفعه في مسألة الفلاح في الحياة الدنيا وفي إمتحانها الحق . وإن تلقي الحجم المتوسط من هذه البينات القدسية ليكفي العبد من الثقلين لإيقاع الإيمان القلبي لديه بجودة مرضية بناءة راقية تضمن له الفلاح الطيب في الحياة الدنيا والنجاح في إمتحانها الرباني واستحقاق ولوج الجنة والنجاة من عذاب جهنم .
ويقول عز وجل جلاله علاقة بالموضوع المفتوح :
ــــــــــــــــــــــــــــــ باسم الله الرحمان الرحيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ، ... (58)". س. النساء .
"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون(21)". س. الأنفال .
"يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون(24)". س. لاأنفال .
"ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ، ... (15)". س. الحديد .
"يا أيها الذين آمنوا إستعينوا بالصبر والصلاة ، إن الله مع الصابرين(152". س. البقرة .
"قل للذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال(36)". س. إبراهيم .
"أعد الله لهم عذابا شديدا ، فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا ، قد أنزل الله إليكم ذكرا(10) رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا من الظلمات إلى النور ، ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا ندخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ، قد أحسن الله له رزقا (11)". س الطلاق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صدق الله العظيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فكما هو بين جليا في هذه الآيات الكريمة ، يخاطب سبحانه المؤمنين أو الذين آمنوا ومنهم أهل القرآن المعلنون إسلامهم ويدعوهم إلى الطاعة التي هي مسألة إسلام تطبيقي مفترض أن يتبع الإيمان العقلاني والإسلام المعلن بالقول . ويدعوهم مثلا إلى الإستعانة بالصبر والصلاة وإلى الصدقة والزكاة والوفاء بالأمانات وحيث كل ما يدعوهم إليه عز وجل جلاله هو أعمال وأفعال تندرج ضمن إلزامية الطاعة الطوعية له عز وجل والإسلام له عبر التطبيق قصدا لأقوم المصلحة الذاتية المرغوب فيها. ويرد إذا جليا في مضامين هذا الخطاب الكريم حقيقة تواجد الإيمان العقلاني قبل تواجد الإسلام سواء منه الإسلام القولي أو الإسلام الفعلي بمفهوم التطبيق . وضمن الحقائق الواردة كذلك في قوله سبحانه والتي لا تخالف منطق العقل المدرك من لدن كل ذي عقل سليم الحقيقة التي تقول أن إكتساب الإيمان العقلاني لا يعني بالقطع حتمية إكتساب العصمة من المعاصي والكبائر ولا إكتساب الجودة في الطاعة والإسلام . وجوهر الحقيقة بخصوص مسألة الإيمان ومسألة الإسلام التي على المؤمن من أهل القرآن أن يعيها جيدا هي بالتالي متمثلة في التفاصيل التي تقول أن مسألة الإيمان والجودة في الإيمان هي تقويم لمسألة الإسلام والجودة في الإسلام ؛ وأن مسألة إيمان العبد بربه يتكفل بتدبيرها الخالق نفسه عز وجل جلاله بما يعني أنه هو سبحانه من يخلق الإيمان في عقول عباده كحق لهم عليه عز وجل جلاله عبر خلق وتنزيل تقويمه التام لعله ينفذ إلى قلوبهم فيسلموا ويطيعوه ويقدسوه ؛ وأن مسألة الإسلام هي مسألة عباده الثقلين مخيرين فيها تمام التخيير بما يعني أن الإسلام هو فعل يقرره العبد نفسه تطبيقا لما يملي به عليه إيمانه الواقع وأن جودته هي التي تشكل نتيجة إمتحانه الدنيوي المبني عليها مدى فلاحه الدنيوي ومآله بعد الحساب الأكبر ؛ وأن قدر إيمان المرء الواقع في العقل هو دوما يكون أكبر من الإيمان المثمر لديه على أرض الواقع عبر التطبيق لأن غايته المثلى تظل متمثلة في بلوغ أعلى الجودة في تطبيق كل ما يملي به عليه إيمانه العقلاني .
وأما عن الذي قوم المصادقة الفقهية على ذاك "الحديث" وذاك القول المستنتج منه فهو المنهجية الفقهية نفسها التي تم الطعن فيها ضمنيا من خلال ما ذكر في المقالات السابقة والتي هي سبب كل الزيغ الفقهي عن الصواب في المعرفة بدين الإسلام . فقد صدق فقهاؤنا وعلماؤنا هذا "الحديث" وهذا القول الشيطانيين وبحثوا لهما عن سند في القرآن الكريم بعد هذا التصديق . وجرت العادة بطبيعة الحال بإملاء هذه المنهجية المعكوس فيها المنطق أن يخضع القرآن من حيث شرحه وفهمه إلى المصدق به قبلا عبر "الأحاديث" والمورث الفقهي المبني عليها أساسا عوض العكس ؛ أي أن يشرح ويفهم بالذي يثبت هذا التصديق . بينما الصواب المذكر به كذلك ضمنيا فيما سبق ذكره يقول أن المنهجية التي كان من الواجب ومن منطق العقل إتباعها هو تدبر القرآن الكريم مباشرة عبر وساطة العقل حصرا والتصديق والتسلح بمضامينه الكريمة المنيرة اليسيرة في التلقي والفهم بقضاء من لدنه سبحانه الرحمان الرحيم ذي الكمال ، ثم تدبر باقي المضامين المتلقات من مصادر غيره على أساسها وبما يمكن بالتالي من الفصل النافذ فيها بين الكذب والباطل وبين الحق والصواب .
وأما عن هذا السند القرآني الذي تمت على أساسه المصادقة الفقهية على ذاك القول ، وعلى أساس فهمه المغلوط بطبيعة الحال إستنادا إلى ما سبق توضيحه وأيضا بتأكيد الفهم الصحيح الواضح المقروء الذي سيتم إظهاره ، فهو يتمثل في قوله سبحانه المعين بسطر تحته :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ باسم الله الرحمان الرحيم ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"قالت الأعراب آمنا ، قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ، وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا ، إن الله غفور رحيم(14)". س. الحجرات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صدق الله العظيم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالتدبر الحق لهذه الآية الكريمة يفضي إلى الحقيقة التي تقول أن الإسلام المقصود الوارد في قوله سبحانه "قولوا أسلمنا" هو فقط الإسلام بالقول المعلن المنحصرة عمليته في زمن هذا الإعلان وليس الإسلام بمفهوم التطبيق الممتد في الزمن بغاية التحصيل من الجودة في الطاعة لما يملي به الإيمان الواقع في العقل ، كإسلام من يعلن إسلامه لله بذكر الشهادتين وكإسلام من أسلم زمنا وليس له فيه من الإسلام إلا ذكر الشهادتين . وتقول أن الإيمان المقصود الوارد في قوله سبحانه "قل لم تؤمنوا" هو الإيمان الصادق غير المكفر به المثمر على أرض الواقع عبر التطبيق والإسلام بمفهوم التطبيق . ولا يعني سبحانه بقوله المذكور بأن المعنيين به لا إيمان لهم . بل يرد في قوله عز وجل جلاله ما مضمونه ضمنيا أن لهم قدر معين من الإيمان بالغ عقولهم دون قلوبهم كما هو وارد في قوله عز وجل جلاله "ولما يدخل الإيمان في قلوبكم" ؛ وأن قسطا حثيثا منه فقط هو الذي أثمر وأوقع إسلامهم القولي الذي يقر سبحانه بتواجده لديهم كما هو وارد في قوله سبحانه "قولوا أسلمنا" ؛ وأن القسط الأوفر منه هم به كافرون وغير مثمر على أرض الواقع عبر سبيل الطاعة والتطبيق كما هو وارد مضمونه في قوله الكريم الأخير "وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا ، إن الله غفور رحيم". فقول الله في هذه الآية الكريمة هو إذا واضح لا غبار عليه ، وفهمه الصحيح مقروء جاهز للإستهلاك بدون أيتها وساطة إلا وساطة العقل كفاية ، وفيه مبين تذكيرا مفهوم الإيمان بأنواعه الثلاث العقلاني والقلبي والمكفر به ومفهوم الإسلام بصنفيه القولي والتطبيقي الفعلي . ولا علاقة به إذا لفهمه الفقهي بتاتا ؛ ولا يثبت شيئا من صحة ذاك "الحديث" وذاك القول وإنما هو يثبت بطلانهما بالتمام والكمال .
ونفس الفهم الصحيح لقوله عز وجل جلاله الوارد في الآية المذكورة أعلاه بخصوص ما ذكر عن مفهوم الإيمان ومفهوم الإسلام ونفس المضامين الواردة بخصوصهما علاقة بالأعراب نجدهما بتمام الوضوح في الآية التالية رقم15 من نفس السورة الكريمة حيث يقول سبحانه :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ باسم الله الرحمان الرحيم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ، أولئك هم الصادقون(15)". س. الحجرات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صدق الله العظيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكما يلاحظ القارئ ، فسبحانه يرد على هؤلاء الأعراب مذكرا إياهم وقبيلهم بتعريف الإيمان الحق على أنه الإيمان الصادق بالله ورسوله الخالي من الريبة والذي يتبين بيان صدقه من خلال الطاعة بالجهاد في سبيل الله بالأموال والأنفس والعمل الصالح عموما. أي ما مضمونه في قوله سبحانه ضمنيا أن ما يعاب عليهم هو تواجد الإيمان العقلاني المكفر به وغياب الطاعة والإسلام التطبيقي الذي من شأنه وحده أن يعكس ويثبت صدقهم . وكذلك على القارئ أن يلاحظ أن نعت "الصادقون" لا يقصد به سبحانه الصدق في القول وإنما هو الصدق مع الذات فيما يملي به الإيمان العقلاني المحصل وحيث عكس ذلك هو كذب على النفس ، وهو بذلك عز وجل جلاله يحدثنا كذلك عن هذا الإيمان وعلى أنه واقع منه كفاية في عقل كل العباد الثقلين ومنه زيادة بتقويم رسالة القرآن ما من شأنه أن يوقع الإسلام الفعلي تطبيقا لإملائه الحق المقتنع به ذاتيا على أنه حق؛ ويحدثنا سبحانه إذا تباعا عن الترابط الوثيق بين الإيمان والإسلام في دينه الحق .
وكذلك نفس هذه المضامين بنوعيها المقروءة والمستقرأ نجدها في الآية رقم 17 من نفس السورة حيث يقول سبحانه :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ باسم الله الرحمان الرحيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"يمنون عليك أن أسلموا ، قل لا تمنوا علي إسلامكم ، بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين(17)". س. الحجرات .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صدق الله العظيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ففي هذه الآية الجليلة يرد مرة أخرى إقرار من لدنه سبحانه للأعراب بإسلامهم القولي بذكره عز وجل جلاله "يمنون عليك أن أسلموا ، قل لا تمنوا علي إسلامكم". ويرد كذلك في قوله سبحانه "بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين" نفس الحقيقة المقروءة في الآية رقم14 والتي مضمونها أن هؤلاء الأعراب لهم قدر من الإيمان العقلاني الواقع فضلا من عنده سبحانه تقويما لهدايتهم وإسلامهم وطاعتهم الطوعية ، وأن جله مكفر به ولم يثمر منه إلا الجزء الحثيث جدا الذي أوقع إسلامهم القولي حصرا .
وعن حقيقة التواجد عموما في عقل كل عبد من الثقلين قدر من الإيمان في العقل ، وحقيقة تواجد الفرق بين الإيمان الصادق المثمر على أرض الواقع والذي مقره هو العقل والقلب بعده وبين الإيمان المكفر به الذي يظل مقره الوحيد هو العقل دون بلوغه القلب ومرحلة التطبيق لإملائه العقلاني ، يرد بيانهما جليا كذلك في قوله سبحانه مثلا :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ باسم الله الرحمان الرحيم ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"... ، ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين(6)". س. المائدة .
"أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ، ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل(107)". س. البقرة .
"إن الذين إشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا، ولهم عذاب عظيم(176)". س. آل عمران .
"هل ينتظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك، يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، قل إنتظروا إنا منتظرون(159)". س. الأنعام .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صدق الله العظيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ففي قوله سبحانه "ومن يكفر بالإيمان" وقوله عز وجل جلاله "ومن يتبدل الكفر بالإيمان" وقوله الحق"إن الذين إشتروا الكفر بالإيمان" ترد حقيقة تواجد قدر معين من الإيمان في عقل كل عبد من الثقلين . وهذا الإيمان هو مشكل بطبيعة الحال من الإيمان العقلاني الفطري ومن الإيمان الموروث ومن الإيمان العقلاني المكتسب الذي يضاف إليهما. والقول بكفر المرء بالشيء هو يعني حقيقة علمه بهذا الشيء وإيمانه العقلاني بتواجده . والقول بتبديل الكفر بالإيمان هو يعني كذلك حقيقة تواجد الإيمان العقلاني بالشيء المعني واستبداله بالكفر به. والقول بشراء الكفر بالإيمان هو يعني أيضا حقيقة تواجد هذا الإيمان واستعماله كعملة لشراء الكفر. والإيمان الصادق الذي هو في القلب هو بطبيعة الحال غير قابل للكفر به أو إستبداله بالكفر أو إستعماله عملة لشراء الكفر به. وفي الطرف الثاني من قوله سبحانه في الآية رقم159 من سورة الأنعام "يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا" ترد كذلك هذه الحقيقة ويرد أيضا جليا تعريف الإيمان المكفر به وفي مقابله ضمنيا تعريف الإيمان الصادق المثمر على أرض الواقع . وفي كل قوله سبحانه يسطع دور الإيمان العقلاني عموما والقلبي الصادق أساسا كتقويم للإسلام الفعلي عبر إملائه المنطقي الهادي لأقوم المصلحة الذاتية ، ويسطع في المقابل مفهوم الإسلام الفعلي تطبيقا لهذا الإملاء وكسبيل عقلاني منطقي واحد ممكن من هذه المصلحة وكنتيجة مفترض تواجدها بضغط الحاجة إليها. وكل هذا الذي يعرف به سبحانه عن مفهوم الإيمان ومفهوم الإسلام في الدين وعلاقة أساسا بالمصلحة الذاتية المرغوب فيها هو ليس غريبا عن العقل وإنما هو كله من المعلوم المعرف به في قاموس اللغة العربية الفصحى والمعمول به على أرض الواقع ، وهو بذلك مجرد تذكير من لدنه عز وجل جلاله في قرآنه الكريم الذي سماه بالتذكير والذكر والذكرى والتذكرة .
وينفع التذكير هنا مرة أخرى بحكمته سبحانه لما نجد خطابه الجليل في القرآن الكريم الموجه إلى كل عباده الثقلين متضمنا جله عبارة "يا أيها المؤمنون أو "يا أيها الذين آمنوا" وحيث لم يستعمل سبحانه عبارة "يا أيها الناس" إلا قليلا ؛ ولما نجد خطابه كله الموجه إلى أهل القرآن مناديا إياهم بنفس هذه العبارة وليس بعبارة "يا أيها المسلمون" أو "يا أيها الذين أسلموا" . وكذلك على ضوء هذا التذكير وهذا التوضيح تتضح خصوصية تسمية"المسلم" الوارد بيانها في القرآن الكريم .
وعلى ضوء ما تقدمت به من تذكير معلومة كل مضامينه اللغوية ومعلومة جل مضامينه القرآنية مؤازرا بما تقدمت به من توضيح مستفيض فالقول بأن جودة التدين درجات أسفلها الإسلام وأعلى منه الإيمان وأعلى منهما الإحسان هو قول باطل بالتمام والكمال وبما لا غبار عليه ؛ وهو بذلك من قول الشيطان الغرور اللعين الذي إستغفلنا به ؛ ولا علاقة له بتاتا بقول النبي المصطفى الكريم (ص) ولا بوحي الخالق عز وجل جلاله.
وآخر ما يستحق تذكير الفقهاء والعلماء به ولم ينتبهوا له ، ولكي لا يبقى لأحد منهم المجال للتملص من الإعتراف بصواب الطعن المتقدم به بشأن ذاك "الحديث" وذاك القول الفقهي ، حقيقة كونهم قد وضعوا من ضمن الجودة في تلك العبادات الثلاث التي يقولون بها إسلام الأعراب البين قوله سبحانه فيه . أي البين في قوله سبحانه بأنه لا شيء من الإسلام الفعلي موجود لديهم يمكن إدراجه ضمن تلك المراتب في خانة الإسلام . بل بين فيه بجلاء ما يخبر بأنهم من الكافرين . وخير ما يستدل به على هذه الحقيقة قوله سبحانه "ولما يدخل الإيمان في قلوبكم" . صدق الله العظيم .
وقد تقدمت إذا في هذا المقال ببينات قرآنية تطعن كذاك بدورها في ذاك "الحديث" وتثبت بالنفاذ الثاقب أنه من وحي الشيطان وأنه لا علاقة له بالقطع بقول النبي المصطفى (ص) ولا بوحي الله عز وجل جلاله ، وتثبت تباعا بالنفاذ الثاقب أيضا أن ذاك القول المستنتج منه فقهيا هو قول باطل بالتمام والكمال .
وكل شيء في قول الله واضح إذا والعيب كله موجود في الرأي الفقهي الذي دفع به الغرور إلى تحريف فهم القرآن المجيد واعتماده سندا بعد التحريف لتثبيت صحة ما دسه في الحديث على أنه من عند الله .
***********************************************
قد غاظني الإجماع على الصمت في الرد علي من لدن كل من راسلتهم بشأن ما أدعيه ومنهم الكثير من الفقهاء والعلماء والدعاة ناصرين بصمتهم سمعتهم وسمعة العلم الفقهي الموروث على حساب الحق القرآني المحجوب الذي أظهرت لهم منه الكثير وبكثير من البينات الربانية ، والذي هم فاعلون في زمننا أيضا بجودة عالية في الإبقاء على صيرورة حجبه ومخالفون بذلك كله مبدأ المحاججة ومخالفون تباعا للحق سبحانه فيما يملي به عليهم بشأنها .
وقد ألقيت عليهم إلى حد الآن من خلال المنتديات التي أشارك فيها في ديار المغرب العزيز وفي باقي دير أهل القرآن ثلاث مواضيع في شخص ثلاث حقائق أخبر بها مدعومة بالحجج ليتقدم منهم من يرى نفسه مؤهلا لينازلي بشأنها . فهناك موضوع وعد الله سبحانه بإتمام نوره الكريم وبإظهار دينه الحق تباعا على الدين كله ، الذي هو وعد لم تشهده الأرض إلى حد الآن شهادة بذلك عظيمة شاملة ترد إلى صواب الطعون المتقدم بها بشأن العلم الفقهي ومنتجاته. وهناك موضوع الخطإ العظيم المتمثل في تسمية أهل القرآن ب"المسلمين" شهادة بذلك عظيمة جزئية تثبت مبدئيا صدق ما أدعيه كذلك . وهناك موضوع هذا المقال السادس حيث أظهرت بينة دامغة تثبت عدم صواب المنهجية الفقهية العريقة في تدبر المعرفة بدين الإسلام وبهديه القرآني المجيد من خلال "الحديث" والموروث الفقهي .
فمن ينازلي منكم بالحق والحجج في هذه المواضيع الثلاث المحددة يا رجال الدين المتخصصين ويا أهل القرآن وأهل الحق وأهل التبليغ ؟
فليبلغ القارئ من عامة الناس خبر هذه الدعوة كل معني بها من حوله ، وسأكون شكورا ممتنا له غيبا . ومن يرغب في أن تلقى رسميا كل رسالتي التبليغية على الفقهاء والعلماء وتلقى بعد ذلك على عامة الناس في أقرب وقت ممكن فليكثر في أوساطه من الحديث عنها وعن قضيتي الغريبة لعل خبرهما يبلغ بعد حين جلالة الملك محمد السادس ليأمر بهذا الذي عليه أن يكون بالضرورة . وأطالب الإعلاميين على إختلاف أنواعهم بنشر خبرهما من خلال مواقعهم الإعلامية معلقين في ذلك بما يشاءون حسب قناعتهم . فالحدث الذي عرفت بمضمونه وأدعى واقعيته هو جد جليل وجد عظيم . وكذلك دعوة المنازلة إياها هي فريدة من نوعها ولم يسبق لها مثيل . ولهم فيما ذكر مادة إعلامية قيمة أو أكثر حسب منظور كل واحد منهم تستحق الإهتمام بها ضمن تخصصهم الإعلامي .
جمال اضريف بلقب "أبوخالد سليمان" .
الرباط في : 13-04-2008 .